يسلّط التقرير الضوء على حالات تعرّض قاصرات في سوريا للاستغلال والعنف الإلكترونيين، مع جهلهن بكيفية حماية أنفسهن رقمياً، وترددهنّ في اللجوء إلى القضاء.

قمر فتاة تبلغ 19 عاماً من حلب، يتابع حسابها على “فيسبوك” أكثر من أربعة آلاف شخص، تحظى صورها بإعجاب المتابعين وتعليقاتهم داخل سوريا وخارجها، حتى أنها تعلّق بنفسها على بعض صورها: “منورة يا أنا”. 

لكنّ الصور التي تنشرها الفتاة، سواء كانت لها أم رفقة صديقاتها عبر “حسابها”، لم تكن لها أبداً؛ إذ إن الصور تعود لفتاة تدعى سمر (16 عاماً وقتها) من مدينة طرطوس في سوريا، ويبدو أن شخصاً ما قرر انتحال شخصيتها.

“أليست هذه صورك؟ هل لديك حساب آخر يحمل اسماً مختلفاً؟”، تذكر سمر أسئلة صديقتها التي تواصلت معها لتخبرها أن حساباً على “فيسبوك” يستخدم صورها الشخصية، لكنّه يحمل اسماً مختلفاً. 

تفقّدت سمر الحساب المجهول، مشدوهة تحاول فهم ما حدث: “مع من تحدثتْ باسمي؟ ماذا أخبرتهم؟ ماذا أستطيع أن أفعل؟ وعلى الفور، طلبت من أصدقائها الإبلاغ عن الصفحة، ورغم تلقيها إشعارات بقبول بلاغها، فإن الحساب لم يُغلق.

عنف عابر للحدود

القصة ذاتها تكررت مع لبنى* (19 عاماً) إلا أن صاحب الحساب الوهمي تواصل مع دائرة معارفها، وتعرّضت والدتها لمضايقات من ذلك الحساب الذي يحمل اسمهما وصورها، فتواصلت لبنى؛ البالغة 16 عاماً حينها، معه، وتبيّن أنه رجل أربعيني يقطن خارج الأراضي السورية.

طلبت منه مراراً التوقف عن مضايقتها، لكنّه تمادى في الأمر، فأنشأ العديد من الحسابات الوهمية باسمها واسم والدتها، وأرسل طلبات الصداقة لأصدقائها وأقاربها، ونشر صوراً شخصية للبنى؛ الأمر الذي دفع الأخيرة إلى إخبار جميع أصدقائها بأن يقوموا بحملة بلاغات ضد الحسابات الوهمية، ولم يكتفِ صاحب تلك الحسابات بذلك، بل استهدف صديقاتها على “فيسبوك”، وأرسل لهن رسائل خادشة للحياء. 

تقول لبنى: “لم نستطع فعل شيء سوى الإبلاغ عن الحسابات الوهمية، فهو يسكن خارج منطقتنا”، أخبرها من حولها أن “الإنتربول” لا يستطيع حتى الوصول إليه.

أرقام تثير القلق

ما تعرّضت له سمر ولبنى، هو شكل شائع من أشكال الاستغلال الإلكتروني التي تواجهه النساء عبر الإنترنت، وغالباً ما يكون مصحوباً بجرائم أخرى، مثل الابتزاز الجنسي أو تسريب بيانات وصور شخصية.

في عام 2020، أجرت وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) التابعة لمجموعة “إيكونوميست” البريطانية، دراسة لقياس الانتشار العالمي للعنف الرقمي ضد المرأة، فأظهرت أن أكثر أشكال العنف الرقمي شيوعاً تشمل التضليل والتشهير (67 في المئة) والتحرّش الإلكتروني (66 في المئة) وخطاب الكراهية (65 في المئة) وانتحال الشخصية (63 في المئة).

تشير الدراسة، التي غطت أكثر من إحدى وخمسين دولة، إلى أن ثمانية وثلاثين في المئة من النساء تعرضن للعنف عبر الإنترنت.

في السياق ذاته، أكدت دراسة لفريق “سلامتك” عام 2023، أن العنف الرقمي يؤثر في غالبية النساء، فبين كل عشر نساء واجهت ست منهن عنفاً رقمياً ذا أشكال مختلفة غالباً.

شوقي نعمان

كاتب صحفي ورئيس تحرير منصة "ريشة"

مقالات ذات صلة